أخرج«كلمتين وبس» آخر 3 سنوات في حياة «الأستاذ»
على عبد العال: المهندس أعطانى أقسى درس فى احترام المواعيد

تاريخ النشر
- هو وأحمد بهجت كانا يتقاضيان مقابلًا زهيدًا ولم يتحدثا أبداً فى قلة الأجر
المخرج الإذاعى على عبد العال رافق الفنان الكبير فؤاد المهندس لـ 3 سنوات، كمخرج لبرنامجه الشهير "كلمتين وبس"، عبر أثير إذاعة البرنامج العام، وهى الـ 3 سنوات الأخيرة فى عمر الأستاذ؛ يحكى عبد العال كواليس اختياره وتسجيل البرنامج قائلًا: كان المخرج الإذاعى الكبير يوسف حجازى المخرج الفعلى لبرنامج "كلمتين وبس"، بعد أن عمل به مجموعة كبيرة من المخرجين، من مخرجى البرنامج العام.
وحين مرض حجازى وقت رئاسة الإذاعى عمر بطيشة للإذاعة، وكان محمد مشعل مدير الدراما، وعبد الرحمن رشاد رئيسًا لإذاعة البرنامج العام الذى رغب فى عودة برنامج "كلمتين وبس" عام 2003 بعد توقفه لفترة، فرشحنى الإذاعى محمد مشعل لإخراج البرنامج، لمرض المخرج الأصلى المخرج الكبير يوسف حجازى رحمه الله.
ويضيف: قال لى رئيس الإذاعة عمر بطيشة إن الأستاذ لن يستطيع المجئ للإذاعة، كما كان يفعل من قبل، فقررنا أن نسجل معه فى منزله، وطلبت سيارة إذاعة خارجية لأنه لا يمكن ان أسجل مع "الأستاذ" بكاسيت، عملت إجراءات إدارية كثيرة لطلب عربية هندسة إذاعة خارجية، وسجلت معه بما كان يسمى "النجرة"، وهى ماكينة بشريط وميكروفون نوصل لها "كابلات" ومعنا "هيدفون" كأننا فى الاستوديو تمامًا، وحافظت على تتر البرنامج كما هو، حتى لم أضف اسمى على التتر، حفاظًا على البرنامج، ووفاءً للمخرج يوسف حجازى.
ويواصل: كان الاستعداد للتسجيل يبدأ يوم الأثنين، حيث أتوجه للكاتب الكبير أحمد بهجت فى منزله بمصر الجديدة ظهر الأثنين، أجلس معه إلى الساعة الرابعة عصرًا، حيث لم يكن ينزل من منزله إلا للصلاة فى المسجد فقط، وكان يُلم ويعرف بكل ما يدور فى العالم من الصحف والتليفزيون والإذاعة، فأجلس معه ليكتب 7 حلقات، نتحدث فى العناوين الرئيسية للحلقات أو أجده كتب عناوين رئيسية، يكتب ونحن نجلس معًا. وكان بهجت يكتب "صندوق الدنيا" يوميًا فى الأهرام في 4 سطور، ولا يتعدى 30 كلمة، وكان يكتب "كلمتين وبس" بشكل مختلف، لمدة 5 دقائق أو 4 دقائق، إضافة إلى دقيقة هى تتر البرنامج وكله مضمون يفيد المستمع، وكذلك صاحب القرار فى الجهات التنفيذية، وعن موضوعات مثل ضرورة حل مشاكل الطرق ومراعاة كبار السن وحل مشاكل البلاعات والنظافة ، ومما ندمت عليه فى حياتى أن أحمد بهجت كان يكتب الحلقات في وقت قصير جدًا، ونجلس معًا بالساعات يحكى لى عن ذكرياته وكواليس أحداث عدة، لكننى للأسف لم أسجل ما قيل، حتى الأستاذ فؤاد المهندس كان حكّاء كبيرًا، يجيد الحكى والقصص، لكننى للأسف لم أسجل له، لأننى كنت فى بداية عملى كشاب صغير، ولم أدرك أهمية هذه الكنوز.
ويقول: استمر إخراجى لبرنامج "كلمتين وبس" 3 سنوات، حتى قبل وفاة الفنان فؤاد المهندس بشهرين، وحين كان يتعرض لوعكة صحية كنت أذهب له فى المستشفى وأسجل معه عدة حلقات بالكاسيت، وما أذكره أنه لم يكن يقرأ الحلقات من ورق a4، بل كنت أخذ الحلقات من الكاتب أحمد بهجت وأذهب بجوار جامعة القاهرة لأصورها على ورق كبير يشبه الجورنال، ليقرأ المهندس الحلقات، وأذهب له فى منزله كل أربعاء فى العاشرة صباحًا دون تأخير ولا تقديم، يفتح لنا "السفرجى" ويقابلنا هو بملابس رسمية، ولا يعمل بروفة نهائيًا ولا يقرأ الورق إلا فى التسجيل، نجلس على "السُفرة" ويلبس نظارته ونخرج "النجرة" ونسجل، وكان يشعر دون أن أقول له بالجملة وهل وصلتنى أم تحتاج إعادة، وكان يمكن أن يعيد الوقفات وتقطيع الجمل بحيث يصل للمستمع، وعرفت أنه حين كان يحضر للإذاعة كان يتوجه لماسبيرو 8:30 صباحًا، ماشيًا من الزمالك، وحين ينتهى يعود مرة أخرى بنفس الطريقه إلى بيته فى الزمالك.
وعن كواليس الحضور والتسجيل فى منزل الأستاذ قال المخرج على عبد العال: أتذكر أن محافظ القاهرة آنذاك أصدر قرارًا بعدم سير عربيات النصف نقل فى الزمالك، وأثناء سيرنا إلى بيت الأستاذ رفض ضابط المرور مرورنا بسيارة ماسبيرو النصف نقل، تحدثنا معه كثيرًا، وقلنا له عن البرنامج لكنه قال إنه لا يستطيع أن يستثنينا من القرار لأنه قرار محافظ، فاضطررنا إلى نقل المعدات وركن السيارة، وساعدنا الضابط فى وجود تاكسى، فوصلنا بيت الأستاذ فى العاشرة وخمس دقائق، وفوجئنا بالسفرجى يقول لنا إن الأستاذ لن يسجل معنا لأننا تأخرنا، فقلت له عّرف الأستاذ أننى أنتظره على الباب، فخرج فعلًا لاستقبالى مع فريق العمل، وهنا تفاءلت أننى مؤكد سأسجل الحلقات، وهممت لإخراج الأوراق من حقيبتى، فقال لى الفنان فؤاد المهندس أدخل الورق مرة أخرى لأننى لن أسجل اليوم، وفعلًا لم يسجل، رغم أننا شرحنا له ما حدث، وكان ذلك درسًا قاسيًا لنا فى أهمية احترام المواعيد، فقد كان صارمًا وشديدًا فى عمله، لكن خارج الميكروفون شخصية مختلفة تمامًا.
وعن مَنْ قابلهم فى بيت الأستاذ قال: لم أقابل فى بيته على مدار 3 سنوات سوى "السفرجى"، وأحيانًا نرى "الشغال"، وعرفت أنه عنده ابن، لكننى لم أقابله نهائيًا، وكان يحكى بشكل غير مباشر أنه كلما كنت على الساحة فسوف يكون روادك وزائروك كثر، وذات مرة كان مريضًا بالبرد، ودخلت غرفة نومه، كانت جميلة وفخمة، سرير تطلع له بسلالم، تعلوه "ناموسية" قيل إنه كان لأحد أبناء أسرة محمد على، وكانت غرفة نومه قمة الجمال والشياكة، وأذكر أنه هو والكاتب أحمد بهجت كانا يتقاضيان مقابلًا ماديًا زهيدًا، ولم يتحدثا أبدًا فى قلة الأجر، لكننى تقدمت بطلب للإذاعى عمر بطيشة ليحصلا على أعلى أجر فى الإذاعة وحدث فعلًا، وأصبح الفنان المهندس يحصل على 100 جنيه فى الحلقة.
ويكمل ذكرياته قائلًا: ظللت أتردد على بيت الأستاذ فى العاشرة صباحًا كل أربعاء، حتى الثانية عشرة إلا الربع ظهرًا، طوال 3 سنوات وحتى قبل وفاته بشهرين، وبعد الوفاة عاد برنامج " كلمتين وبس" مع المخرج يوسف حجازى والفنان محمود ياسين، لكنه لم يستمر، بعدها تحدثت مع الفنان محمد صبحى لكتابة وتقديم البرنامج لكن المشروع لم يكتمل.
ويقول: ظللت ممتنًا للأستاذ فؤاد المهندس على منحى فرصة إخراج البرنامج، ولو كان بطريق غير مباشر، فقد كان بإمكانه أن يطلب أكبر وأقدم مخرج فى الإذاعة، وكانت الإذاعة ستستجيب لكنه، دائمًا ما كان يعطى الفرص للشباب.
مصدر المقال هنا
مصدر المقال لللللل